من الأسئلة الشائعة التي تثير الجدل بين الناس هو حكم الشعر في الإسلام،يعتبر الشعر أحد أشكال التعبير الفني، وقد أثيرت تساؤلات كثيرة حول مدى كونه مشروعًا أو محرمًا،هناك آراء متنوعة في هذا الشأن، حيث يتناول البعض أفكارًا تعتمد على التاريخ الإسلامي وتجارب الشعراء المعروفين،في هذا المقال، سنستكشف الحكم الشرعي للشعر في الإسلام، مع التعرض لأهم الأدلة من القرآن والسنة، بالإضافة إلى أنواع الشعر ومدى جوازها،يُظهر هذا الموضوع أهمية التوجه الصحيحي والفهم العميق حول الشعر وتأثيره على المجتمع.
حكم الشعر في الإسلام
- (حسنه حسن، وقبيحه قبيح) تعتبر هذه العبارة من أهم الآراء التي طرحها الشافعي رحمه الله،كان يقصد من ذلك أن الشعر الذي يتناول الحق ويُظهره ويُبطل الباطل وأهله هو الشعر المقبول والمشروط،هذا يمثل فئة الشعر التي ساهم بها الكثير من الشعراء مثل حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة.
- أما الشعر الذي يُفضي إلى الفجور والزنا، أو يمدح الفساد، فهذا يُعتبر أمرًا منكراً وغير جائز،فالشعر يختلف بحسب مقاصده والمعاني التي ينقلها الشاعر.
- وبالتالي، فإذا كان الشاعر قد أراد من خلال شعره تقديم الخير والحق، فلا مانع من ذلك،لكن يجب أن نكون حذرين عند التعامل مع الشعر الذي يدعو إلى الفساد، لأنه يُعتبر مذموماً ويجب منعه.
في هذا الإطار، سنعمل على توضيح المزيد حول
هل الشعر حرام
- يؤكد ابن قدامة رحمه الله أن إباحة الشعر لا جدال فيها، وقد أكد ذلك الصحابة والعلماء.،ويدعو إلى وجود حاجة لاستخدامه للتعبير عن اللغة العربية وفهم المعاني.
- ومن هذا المنطلق، يمكن التعرف على معاني القرآن والتعاليم النبوية بشكل أفضل من خلال استخدام الشعر.
- الشعر حظي بالقبول حين أُنشِد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كتب العديد من الصحابة الشعر في وجوده، مما يدل على رضاه عن هذا الفن.
- في نفس السياق، تم ذم الشعر أحيانا بسبب كذب بعض الشعراء وسعيهم لتشويه السمعة، ولذا تم استثناء من يبتعد عن هذه الصفات.
أدلة من القرآن والسنة على تحريم الشعر الذي يتضمن الكذب والنفاق
- قال الله تعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون *ألم تر أنهم في كل واد يهيمون*وأنهم يقولون ما لا يفعلون* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا) [الشعراء:224-227].
- كما ورد في السنة تحذير من يقضون وقتًا طويلاً في حفظ الشعر، ما يؤدي إلى انشغالهم عن القراءة والتعلم، أو ممن يتناولون موضوعات تتعلق بالنساء مثلاً.
- عَنْ ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم “لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً”.
حكم كتابة الشعر
- بالنظر إلى موضوع كتابة الشعر، نجد أنه لا حرج في الأمر،كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن من الشعر حكمة”.
- فإذا كان الشعر يدعو إلى الأخلاق الفاضلة مثل الصلاة وقيم التوجيه الإيجابي، فهو محمود ولا مانع منه.
حكم شعر الهجاء
- الهجاء، وهو النقيض للمدح، يُعتبر محلاً للخلاف،فلا يجوز هجو المسلم إلا إذا كان يستحق ذلك، وقد أيد الفقهاء هذه الفكرة بناءً على ما ورد في القرآن.
- قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب/ 58.
- كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة التأكيد على أنه ليس من أخلاق المؤمن أن يكون طعّانًا أو لعانًا.
- أما هجو الكفار نجد أن العديد من النصوص تؤكد جواز ذلك، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالجهاد في سبيل الله.
حكم شعر الغزل
في سياق الغزل، يُعتبر الشعر محلاً للنقاش،ولكن يُشترط أن يكون خاليًا من الأمور المحرمة.
- فيجب أن يمتنع الشاعر عن التشبيب بامرأة معينة أو انتهاك حرمة أي مسلمة.
- قال الله عز وجل (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) — هذا يؤكد على أهمية الحفاظ على الأخلاق والقيم.
- عدم التركيز على وصف الجسد أو العناصر المثيرة لأي شخص هو أحد الشروط المهمة للاحتفاظ بأخلاقيات الغزل.
- الشعر الغزلي يجب أن يكون بعيدًا عن الألفاظ الفاحشة والغنائية التي لا تتقرّب إلى القيم الإسلامية.
موضوعات أخرى تتعلق بشعر الغزل
- على الرغم من الشروط الكثيرة لإباحة شعر الغزل، إلا أن الانتشار الموسع للشعر الفاحش بات مشكلة بارزة، مما يستدعي التحذير.
- للأسف، فإن العديد من الشعراء المعاصرين يُنتجون أشعارًا تحتوى على أفكار لا تليق بالمجتمع، مثل أشعار نزار قباني.
- بدلاً من الشعر المحرم، يجب أن نثني على الشعراء الذين يلتزمون بالأخلاق والقيم.
بعض أسماء الشعراء الذين لديهم شعر جائز
- عمر فروخ (تاريخ الأدب العربي).
- البخاري (صحيح البخاري).
- شوقي ضيف (العصر الإسلامي).
- مصطفى الشكعة (الأدب في موكب الحضارة الإسلامية).
- جرجي زيدان (تاريخ آداب اللغة العربية).
- ابن كثير (البداية والنهاية).
- محمد بن سلَّام الجمحي (طبقات فحول الشعراء).
- كعب بن زهير (شرح ديوان كعب بن زهير).
- حسان بن ثابت (ديوان حسان بن ثابت الأنصاري).
- طه حسين (من تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي والعصر الإسلامي).
في الختام، يرتبط الشعر بموضوعات وقضايا عدة في المجتمع الإسلامي،إن الحكم الشرعي يتعلق بنوايا الشعراء ومحتوى أشعارهم،ولذلك، يتوجب على المسلمين التمييز بين الشعر النبيل الذي يشجع على الخير، والشعر الذي يحمل أبعادًا سلبية،كما يجب على المجتمع توجيه الشعراء نحو ما هو محمود وبعيد عن الشبهات،لأن الشعر ليس مجرد كلمات تُنظم، بل هو تعبير يُؤثر في النفوس ويساهم في تشكيل ملامح المجتمع.