يُعتبر حديث “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” من الأحاديث النبوية الأساسية التي تبرز أهمية الأخلاق في الإسلام،يمثل هذا الحديث تذكيرًا أساسيًا بأن حسن الخلق هو الهدف الرئيسي من الرسالة الإسلامية،إن التأسيس لنظام قيم وأخلاق سامية كان حتمياً من أجل خلق مجتمع يتمتع بالسلام والتآلف بين أفراده،لذلك، فإن دراسة هذا الحديث وأبعاده الأخلاقية تمثل نقطة انطلاق لفهم النموذج المثالي الذي يسعى إليه المجتمع الإسلامي من خلال تعزيز القيم الإنسانية المشتركة التي ترسخ أواصر الإخاء والمحبة بين الناس.
حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
قال أبو هريرة رضي الله عنه إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال “إنَّما بعثتُ لأتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ”،يُظهر هذا الحديث بوضوح دور النبي الكريم في تعزيز مكارم الأخلاق وتعليم الناس قيمة الأخلاق الفاضلة في حياتهم اليومية.
شرح حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
يوضح فقهاء تفسير هذا الحديث أن العرب في فترة ما قبل الإسلام كان لديهم بعض المبادئ الأخلاقية التي ورثوها من الديانات السابقة، لكن هذه المبادئ قد تآكلت بفعل الجهل والانحراف عن الدين،أرسل الله تعالى سيدنا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتجديد وتعليم تلك القيم والأخلاق الفاضلة،الحقيقة أن هذا الحديث يتجاوز مجرد التعبير عن الأخلاق، بل يتناول أيضًا القيم الإنسانية التي تعزز من الروابط بين الأفراد، مثل الكرم والعدالة والاحترام.
درجة حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
اتفق كبار العلماء والمحدثين على أن الحديث “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” من الأحاديث الصحيحة، وله مكانة خاصة في قلوب المسلمين،هذا الحديث هو علامة بارزة على أهمية الأخلاق في الإسلام، حيث يعتبر فريضة على كل مسلم الالتزام بها وممارستها.
تخريج حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
تم ذكر حديث “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” في العديد من كتب الحديث الموثوقة، ومن أبرزها
- ذكره ابن رجب الحنبلي في كتابه “لطائف المعارف”.
- ذكره الهيثمي في “مجمع الزوائد”.
- ذكره محمد عبد الباقي الزرقاني في “مختصر المقاصد الحسنة”.
- أورده ابن باز في مجموع فتاواه.
- ورد في سلسلة الألباني الصحيحة.
تأملات بلاغية في حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
يتجلى البلاغة في هذا الحديث من خلال أسلوبه الجزل والمختصر، الذي يحمل بين طياته معاني عميقة،إن المعنى البسيط الذي ينقله الحديث يضع الأخلاق في مقدمة أولويات الرسالة المحمدية،ربما يعكس هذا الأهمية الفائقة لحسن الخلق، حيث يُنظر إلى حسن التعامل مع الناس بشكل جوهري موازٍ لأركان الإسلام الأخرى.
لا ينكر أحد أن حسن الخلق يمثل مفتاح القلوب،فالتعامل الطيب والأخلاق الفاضلة هما ما يدفعان الناس إلى الاقتراب من الإسلام ومبادئه، كما أن التأثير الأخلاقي الفعال للتجار المسلمين في المناطق التي لم تصل إليها الجيوش الإسلامية كان له دور ملموس في نشر الدين.
أحاديث في حسن الخلق
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الأحاديث الأخرى التي تبرز أهمية حسن الخلق، مثل
- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال “إِنَّ المؤمِنَ ليُدْرِكُ بِحُسْنِ الخلُقِ درجَةَ القائِمِ الصائِمِ”.
- عن جابر بن عبد الله أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال “إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا”.
- عن أبو الدرداء أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال “ما من شيءٍ في المِيزانِ أثْقلُ من حُسنِ الخُلُقِ”.
جزاء حسن الخلق في القرآن
يتجلى جزاء حسن الخلق في مواضع عدة من القرآن الكريم، منها الإشادة بالأخلاق الحميدة في سورة الفرقان، حيث أشار الله تعالى إلى أن عباد الرحمن هم الذين يمشون في الأرض بهدوء ولا يردون الجاهل بنفور،هذا التصوير البديع للأخلاق يعكس القيمة الكبيرة التي يحملها حسن الخلق في حياة المؤمنين.
الخاتمة
في ختام هذا المقال، نجد أن حديث “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ليس مجرد عبارة نبوية فحسب، بل هو منهج شامل لحياة المؤمن،يؤكد الحديث على أهمية الأخلاق في بناء المجتمعات وتحقيق التوافق بين الناس،لذا، يجدر بنا كمسلمين أن نضع حسن الخلق نصب أعيننا كمبادئ حيوية نتبناها في تعاملاتنا اليومية مع الآخرين،بدورنا، نسعى جاهدين لتطبيق هذه المفاهيم القرآنية والحديثية في حياتنا اليومية ونسعى لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى من خلال حسن التعامل مع الآخرين.