بدأت مشكلة الاحتباس الحراري تشغل حيزاً كبيراً في النقاشات العلمية والسياسية خلال العقود الأخيرة، حيث يُعد الاحتباس الحراري نتيجة طبيعية للأنشطة البشرية، ويشمل هذا المفهوم مجموعة من العوامل المناخية التي تساهم في ارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض،يظهر تأثير هذا الظاهرة جلياً في الأنماط المناخية المتغيرة، مما يتطلب منا فهماً أعمق لهذه الظاهرة وسببها وآثارها المحتملة،سيتناول هذا المقال تعريف الاحتباس الحراري، أضراره، والتغيرات المناخية المرتبطة به.

تعريف الاحتباس الحراري

  • تعرف ظاهرة الاحتباس الحراري بأنها ال المستمرة في متوسط درجات حرارة الهواء بالقرب من سطح الأرض على مدى القرنين الماضيين.
  • جمع علماء المناخ العديد من الملاحظات المفصلة حول تغييرات الطقس، بما في ذلك درجات الحرارة وهطول الأمطار والعواصف، بالإضافة إلى التأثيرات المتعلقة بالمناخ مثل التيارات البحرية والتركيب الكيميائي للغلاف الجوي.
  • تشير هذه البيانات إلى أن مناخ الأرض شهد تحولات كبيرة منذ بداية العصر الجيولوجي، وأن الأنشطة البشرية، منذ بداية الثورة الصناعية، ساهمت بشكل كبير في تلك التغيرات.
  • تشكل الفريق الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) في عام 1988 من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لتتبع ظواهر تغير المناخ ورفع الوعي حول أثرها.
  • في عام 2013، أشار الفريق إلى أن الفترة من 1880 إلى 2012 شهدت ارتفاعاً في درجة حرارة سطح الأرض بمعدل 0.9 درجة مئوية، مع ملحوظة عند قياسها بالنسبة لمتوسط دراجات الحرارة قبل الثورة الصناعية.
  • تتراوح تقديرات تأثير الإنسان في ارتفاع درجة الحرارة بين 0.8 إلى 1.2 درجة مئوية منذ فترات ما قبل الصناعة، ويعزى معظم الاحترار الذي تحقق في النصف الثاني من القرن العشرين إلى الأنشطة البشرية.
  • يتوقع الفريق الدولي استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل بين 3 و4 درجات مئوية بحلول عام 2100 إذا استمرت انبعاثات الكربون بمعدلها الحالي.
  • ال المتوقعة في درجات الحرارة استندت إلى توليد مجموعة من السيناريوهات المحتملة التي تناولت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

أضرار الاحتباس الحراري

  • تشير العديد من الدراسات إلى أن هناك ضرراً كبيراً على الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية في حال ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بأكثر من 2 درجة مئوية.
  • يمكن أن يتضمن هذا الضرر انقراض العديد من الأنواع النباتية والحيوانية، إلى جانب تحولات كبيرة في أنماط الزراعة، وارتفاع مستوى سطح البحر.
  • خلال عام 2015، بدأت معظم الحكومات الوطنية، إلا القليل منها، العمل على تنفيذ خطط تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون ضمن إطار اتفاقية باريس.
  • تسعى اتفاقية باريس إلى الحفاظ على الاحترار العالمي عند مستوى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة لتفادي الآثار الأكثر تدميراً.
  • وضعت هناك تقرير خاص يُظهر أن استمرار انبعاثات الكربون بنفس المعدلات قد يسبب درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول 2030 و2052.
  • تشير التقييمات السابقة إلى أن مستوى سطح البحر العالمي ارتفع بمعدل 19-21 سم بين عامي 1901 و2010، مع تسارع هذه ال في النصف الثاني من القرن العشرين.
  • لقد تم التوقع أيضاً بأن متوسط مستوى سطح البحر سيرتفع بمعدل 26-77 سم بحلول عام 2100 مع الاحترار العالمي بمعدل 1.5 درجة مئوية.
  • تستند هذه السيناريوهات بشكل أساسي إلى مستويات معينة من انبعاث الغازات، والتي تم ضخها في الغلاف الجوي عبر حرق الوقود الأحفوري في قطاعات الصناعة والنقل.

الاحترار العالمي

  • تشير الأبحاث إلى أن الاحترار العالمي المعاصر ناتج عن حجم تأثير الاحتباس الحراري.
  • ويتمثل هذا في ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض وخفض درجة حرارة الغلاف الجوي نتيجة وجود غازات دفيئة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان.
  • أشارت الهيئة الدولية في عام 2014 إلى أن تركيزات الغازات المنبعثة في الغلاف الجوي تجاوزت تلك الموجودة في قلب الجليد القديم لمدد تصل إلى 800.000 عام.
  • من بين هذه الغازات، يعتبر ثاني أكسيد الكربون الأكثر أهمية في ظاهرة الاحتباس الحراري، فضلاً عن أهميته الاقتصادية.
  • تشير التقديرات إلى أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون كانت في بداية الثورة الصناعية حوالي 280 جزء في المليون، ولكنها شهدت زيادات ملحوظة في الأعوام الأخيرة.
  • وفقاً لمعدلات الحرق الحالية، من المحتمل أن تصل تركيزات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات قياسية تصل إلى 550 جزء في المليون بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين.
  • تدور النقاشات حول مدى تأثير وتداعيات ارتفاع درجات حرارة السطح على البشر، والحاجة إلى اتخاذ إجراءات للحد من تلك ال.

التغيرات المناخية والاحتباس الحراري

  • يرتبط الاحترار العالمي بظاهرة تغير المناخ، التي تشير إلى مختلف التغيرات المناخية التي تؤثر على كوكب الأرض.
  • إلى جانب تغيرات درجة الحرارة، يشتمل تغير المناخ أيضاً على تحولات في أنماط هطول الأمطار، حركة الرياح، والتيارات المحيطية.
  • يمكن اعتبار تغير المناخ مزيجاً من قوى طبيعية تحدث على مدى فترات زمنية مختلفة.
  • منذ أن ظهرت الحضارة البشرية، أصبح العنصر البشري ذو تأثير أكبر، خاصة في القرنين الماضيين.
  • يستخدم مصطلح الاحتباس الحراري للإشارة إلى أي ارتفاع أرضي في درجة الحرارة يعود لسبب بشري.

أسباب الاحتباس الحراري

  • يتم الحفاظ على متوسط درجات حرارة سطح الأرض من خلال توازن عدة آليات لإشعاع الطاقة.
  • يطلق على الإشعاع الشمسي عادةً أنه “إشعاع الموجة القصيرة”، بينما يُعد الإشعاع المنبعث من الأرض “إشعاع الموجة الطويلة” بسبب اختلاف الترددات وأطوال الموجات.
  • تُقاس الطاقة الشمسية عادةً بالواط لكل متر مربع، حيث يبلغ إجمالي الإشعاع الشمسي المشع نحو 1.366 واط للمتر المربع سنوياً.
  • نظراً لأن نصف سطح الأرض فقط يتلقى الإشعاع في لحظة معينة فإن متوسط إشعاع السطح هو 342 واط لكل متر مربع سنوياً.
  • يمتص سطح الأرض كمية صغيرة من إجمالي الإشعاع الشمسي الذي يدخل الغلاف الجوي، حيث يُنعكس حوالي 30% منه إلى الفضاء.
  • إن 70% من الإشعاع غير المنعكس يتم امتصاصه بواسطة السطح والغيوم والغلاف الجوي، مما يساهم في رفع درجات الحرارة.
  • للحفاظ على التوازن الحراري الديناميكي، يجب أن يعكس السطح والغلاف الجوي نفس الكمية من الطاقة الشمسية إلى الفضاء.
  • تتعلق درجة حرارة سطح الأرض بمقدار الإشعاع الشمسي المنبعث.

غازات الاحتباس الحراري

  • تميّز غازات الاحتباس الحراري بخصائص كيميائية معينة، مع أبرزها ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز.
  • تمتلك هذه الغازات القدرة على امتصاص بعض الأشعة تحت الحمراء المنعكسة عن سطح الأرض، مما يمنعها من التسرب إلى الفضاء.
  • بفضل ذلك، ترتفع درجة حرارة السطح نتيجة كمية الإشعاع المنبعث نحو الأرض.
  • يؤدي تواجد غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي إلى ارتفاع درجة حرارة السطح والجزء السفلي من الغلاف الجوي.
  • هناك اختلاف بين تأثير الدفيئة الطبيعي، والذي يعتمد على مكونات الغلاف الجوي الطبيعية، وتلك المدفوعة بالنشاط البشري.
  • يرتبط التأثير الطبيعي بخصائص الاحترار لمكوناته الطبيعية، مما يُعَدّ مقبولًا لدى معظم العلماء.
  • ومع ذلك، فإن ما يثير الجدل هو التأثير المدعوم بالأنشطة البشرية الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري التي تزيد من تركيزات الغازات في الغلاف الجوي.

آثار الاحتباس الحراري

  • إن ظاهرة الاحتباس الحراري لا تعني فقط درجات الحرارة، ولهذا يبدو أن مصطلح “تغير المناخ” هو الأصح لوصف الآثار الناتجة.
  • بينما يصبح الكوكب أكثر سخونة، قد تظهر تأثيرات متضاربة على بعض الكائنات والنظم البيئية، مثل العواصف الثلجية الشديدة.
  • تتعدد آثار تغير المناخ التي ستطال الكرة الأرضية، وبدورها تتضمن ذوبان الأنهار الجليدية، وتوتر النظام البيئي العالمي.

1- ذوبان الجليد

  • يعتبر ذوبان الأنهار الجليدية أبرز آثار تغير المناخ بشكل واضح.
  • سجلت الأنهار الجليدية تراجعات ملحوظة منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، الأمر الذي تسارع بفعل الاحتباس الحراري.
  • دراسات أثبتت أن الاحتباس الحراري قد تسبب في تراجع كبير للأنهار الجليدية.
  • يشكل فقدان الأنهار الجليدية تهديداً كبيراً للبيئة، ويؤدي إلى مخاطر إنسانية وفقدان للموارد.
  • في القطب الشمالي، تُظهر التغيرات تسارعاً كبيراً في ذوبان الجليد البحري.
  • ازدياد درجات الحرارة في هذه المنطقة يتطلب مراقبة دائمة في السنوات القادمة.
  • في القارة القطبية الجنوبية، تتعرض الجليديات لتغيرات ملحوظة مع احتمالية انهيار أجزاء منها.

2- تسخين سطح الأرض

  • من المرجح أن تتعرض العديد من المناطق الجافة لمزيد من الجفاف نتيجة ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
  • تشير التوقعات إلى احتمال حدوث موجات جفاف ضخمة في مناطق مثل الولايات المتحدة.
  • أظهرت دراسات بأن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي لفقدان كميات كبيرة من المياه.
  • ستؤثر هذه التغيرات بشكل كبير على الزراعة والموارد المائية.

3- الطقس القاسي

  • مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، من المتوقع أن تتزايد حدة تأثيرات الطقس القاسي.
  • بينما تزاد الأعاصير حرية التصرف، تتزايد العواصف الثلجية الشديدة في مواسم مختلفة.
  • الاحترار العالمي قد يسهم بالفعل في تغييرات مهمة في أنماط الطقس.

4- اضطراب المحيط

  • تعد المحيطات من الأحواض الرئيسية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون، لكن هذا يؤثر على النظام البيئي البحري.
  • تحمض المحيطات الناتج عن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون يمثل تحدياً كبيراً للمخلوقات البحرية.
  • تشهد الكائنات البحرية مثل الأسماك والشعاب المرجانية صعوبات كبيرة تمثل تهديداً لبقاء هذه الأنواع.

لقد بات من الضروري أن تتكاتف جهود العالم للتعامل مع مسألة الاحتباس الحراري من خلال تقليل الانبعاثات والعمل على تحفيز الاستدامة،تحتاج الدول إلى تطوير استراتيجيات فعّالة للتكيف مع التغيرات المناخية وفتح حوار فعال حول القضايا البيئية،من خلال هذه الجهود، يمكن لتجمعنا العالمي التصدي للتحديات التي تواجهنا، وضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.