إن مسألة شراء الذهب عبر الإنترنت تعتبر من المواضيع الهامة التي تثير الجدل بين علماء الدين والفقهاء،في العصر الحديث ومع الانتشار الواسع للإنترنت، يميل الكثير من الناس إلى اقتناء الذهب من خلال المواقع الإلكترونية، مما يثير تساؤلات حول مشروعية هذا النوع من التجارة،هل يعتبر شراء الذهب أونلاين حلالاً أم يقع البائع والمشتري في حرج شرعي في هذا المقال، سنتناول حكم شراء الذهب أونلاين من منظور ديني وفقهي، مستندين إلى الأدلة والشروط الصحيحة.

حكم شراء الذهب أونلاين

عند التطرق إلى حكم شراء الذهب عبر الإنترنت، يجب أن نوضح أن هناك اختلافات في الآراء بين الفقهاء حول مشروعية هذا الفعل،وعلى الرغم من ذلك، فإن الرأي الغالب يميل إلى التحريم، ويعتمد ذلك على عدد من الأبعاد الشرعية المتعلقة بالمعاملات المالية،لنستعرض رأيين رئيسيين يؤيد كل منهما موقفه في هذا الموضوع الشائك.

الرأي الأول تحريم شراء الذهب أونلاين

يلزم الفريق الأول من الفقهاء بعدم جواز شراء الذهب عبر الإنترنت استنادًا إلى القواعد المعمول بها في الشريعة الإسلامية،ويرون أنه لتكون صفقة شراء الذهب صحيحة، يجب أن يتم تسليم البائع للذهب للمشتري في نفس الوقت الذي يُدفع فيه الثمن،بمعنى آخر، يشدد هذا الرأي على أنه يجب أن يتم التقابض الفوري بين الثمن والمبيع.

إذا كانت عملية البيع تتضمن تأخير استلام المشتري للذهب بعد فترة، فإن ذلك يعتبر مخالفاً للشريعة،نظرًا لأن تلك المعاملة قد تتحول إلى صورة من صور ربا النسيئة، وهو ما يتعارض مع مبادئ العدالة المالية التي نصت عليها الشريعة.

استند هذا الرأي أيضًا إلى الحديث النبوي، حيث ورد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، يداً بيد”،وهذا يدل على ضرورة وجود شرط القبض الفوري في عمليات بيع الذهب،فإذا غاب هذا الشرط، فإن المعاملة تعد حرامًا.

موقف القرآن الكريم والسنة النبوية من الربا

تتضح خطورة الربا في القرآن الكريم، حيث وردت آيات تؤكد تحذير المسلمين من الربا وعواقبه الوخيمة،فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال “لعن رسول الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه”،هذا التوجه يحذر من أي تعامل يمكن أن يُعتبر ربا، والذي قد يتضمن أي شكل من أشكال التبادل غير المتوازن في عمليات البيع والشراء.

كذلك توضح الآية الكريمة في سورة البقرة “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا”،وبالتالي يظهر التحذير الإلهي الصريح ضد ممارسة الربا، مثلما هو الحال في شراء الذهب عبر الإنترنت دون التقابض الفوري.

الرأي الثاني دار الإفتاء المصرية

على الرغم من أن الرأي الثاني يتفق مع الأول في العديد من النقاط، إلا أنه قد أكد على جواز شراء الذهب عبر الإنترنت، بشرط أن تتم عملية الدفع بطريقة تضمن تحقيق مبدأ التقابض الفوري،وفقًا لدار الإفتاء المصرية، يمكن للمشتري استخدام بطاقات الائتمان ولكن مع مراعاة وجود شرط أساسي.

يشترط هذا الرأي أن يتلقى البائع المبلغ المدفوع فقط عندما يستلم المشتري الذهب، مستندًا إلى فكرة تجنّب الربا والضوابط الشرعية المعمول بها،بالتالي، إذا أُتيحت طريقة تضمن التسليم الفوري للذهب، فإن القاعدة الأساسية هنا ستسمح بشراء الذهب عبر الإنترنت بشرط تنفيذ المعاملة وفقًا للأحكام الشرعية.

في النهاية، يمكن القول إن مسألة شراء الذهب أونلاين تعتمد بشكل كبير على مبدأ التقابض أو التبادل الفوري،وعدم جواز بيع الذهب بالذهب في غياب هذه الشروط الأساسي يعتبر من الربا، ويجب على الأفراد ة الفتاوى الشرعية لضمان عدم الوقوع في المخالفات.